قطاع النقل البري: ساحة مستباحة للفوضى... -- Oct 14 , 2025 8
يمرّ قطاع النقل البري منذ سنوات بأزمة حقيقية، تجاوزت حدود المعقول حتى وصلت إلى حدّ الفوضى. فبينما يستمرّ التقاعس عن إيجاد حلول جذرية، تتفاقم التحدّيات التي تظلم شريحة في المجتمع، وهم السائقون العموميون. فاليوم، يخوض هؤلاء مواجهة غير عادلة ضد شبح اللوحات المزوّرة والمكرّرة، وضد العمالة غير القانونية التي تزاحمهم على لقمة عيشهم، وضد منافسة التطبيقات الوهمية ووسائل النقل غير المرخصة، حتى أصبح هذا القطاع ساحة مستباحة لتلك المخالفات.
وفي التفاصيل، تشير التقديرات إلى وجود عدد كبير من اللوحات العمومية المزوّرة التي تعمل بشكل غير قانوني على الأراضي اللبنانية، حيث يُقدَّر عددها بحوالى 20 ألف لوحة خاصة بالتاكسيات، و 15 ألف لوحة للباصات، و 15 ألفًا للفانات. أمّا اللوحات العمومية المؤجّرة أو المستخدمة من قبل غير لبنانيين، فيُقدّر عددها بنحو 10 آلاف لوحة للسيارات، و 10 آلاف للفانات، وحوالى 3 آلاف لوحة للباصات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام ليست دقيقة بسبب صعوبة رصدها وتتبّعها، إلّا أنها وبكلّ الأحوال تشكل ضغطًا كبيرًا على القطاع.
ووفقًا لبسّام طليس، رئيس اتحادات ونقابات النقل البري، "لا تُستثنى أي منطقة من المخالفات التي تضرّ بقطاع النقل البري، فإضافة إلى اللوحات المزوّرة والمكرّرة والعمالة غير اللبنانية، تتفشى الدرّاجات النارية والتوك توك التي تعمل كتاكسيات غير قانونية، وتنتشر تطبيقات التاكسيات الوهمية التي تستغلّ السوق دون أي رقابة حتى أنها أحيانًا تستخدم سيارات غير عمومية".
الأمر لا يتعلّق بلقمة عيش السائق فحسب، بل إن الأمن الاجتماعي في مأزق أيضًا، فبحسب طليس، "أي حادثة خطف أو تحرّش أو حتى ما هو أخطر يمكن أن تحصل عندما يستقلّ الزبائن سيارات تحمل لوحات مزوّرة أو مكرّرة، لأنه يصعب الوصول إلى السائق أو معرفة هويته في حال حصل ذلك".
وعن دور النقابة في هذا السياق، يشرح طليس "قمنا بالكثير من التحرّكات والإضرابات، وأغلقنا طرقات، وعقدنا اجتماعات مع الحكومة ووزرائها، واتفقنا على بنود قمع المخالفات وحماية حقوق السائق العمومي"، إلّا أنه في الوقت عينه، "لا يمكن للنقابة التعدّي على صلاحيات الغير، والحقيقة أن لا الحكومة تقوم بواجبها، ولا الأجهزة الأمنية تتحرّك كما يجب".
ويُذكّر طليس بالخطة الوطنية لتنظيم قطاع النقل البري في لبنان التي أعدّت في العام 2011، بالتعاون بين وزارة الأشغال ومجلس الإنماء والإعمار وفريق من البنك الدولي، وبمشاركة نقابات القطاع، والتي هدفت إلى: تنظيم النقل العام، ضبط المخالفات، دعم السائقين الشرعيين، وتطوير البنية التحتية للنقل المشترك. ورغم أهميتها وشمولها، بقيت هذه الخطة حبيسة الأدراج ولم يُنفذ منها شيء حتى اليوم، وسط غياب الإرادة السياسية والتشريعية اللازمة. ولذلك، يشدّد طليس مجدّدًا على ضرورة العودة إلى تلك الخطة، وتحديثها إذا استدعى الأمر، لأن يدًا واحدة لا تصفق.
وبالسؤال عن السيارات العمومية التي تحتاج إلى صيانة والتي تشكّل قنبلة موقوتة على الطرقات، يؤكّد طليس أن "الأولوية لا يجب أن تقتصر على إلزام السائقين العموميين بصيانة مركباتهم، بل على إخراج سيارات التاكسي غير الشرعية من الخدمة، لأن وجودها على الطرقات يشكّل تهديدًا مضاعفًا، وحينها يجب على القانون أن يسري على الجميع".
إذًا يقف قطاع النقل البري على حافة الهاوية، فإمّا أن تُوضع خطة وطنية شاملة تحمي حقوق السائقين والمواطنين، وإمّا أن تبقى الفوضى سائدة إلى أن تقع كارثة ما بسبب وسائل النقل غير القانونية، حينها قد يتحرّك المعنيون.
نوال برّو - نداء الوطن